المقال السياسي

قطر ومصر… شراكة من أجل فلسطين

د. ميرفت إبراهيم

منذ عقود طويلة، تثبت دولة قطر أنها تحمل في وجدانها نبض الأمة، وأنها لم تتخلّ يوماً عن قضيتها المركزية: فلسطين. فما من موقف إلا وكان صوت الدوحة فيه واضحاً، وما من محفل إلا وارتفع فيه اسم فلسطين عالياً عبر كلمات قيادتها، إيماناً بأن الحق لا يُنسى، وأن الحرية لا تُشترى، وأن الكرامة لا تُباع ولا تُساوم. تحت قيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، تواصل قطر مسيرتها المبدئية الثابتة، مكرّسة جهودها في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، الذي ما زال يناضل بدمه وحلمه من أجل الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة.

وفي قلب هذا النهج الراسخ، يبرز الدور الكبير الذي يضطلع به معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، الذي جعل من القضية الفلسطينية بوصلة حركته في المحافل الإقليمية والدولية. لم يتعامل مع القضية كملف سياسي عابر، بل كأمانة حملها على عاتقه، ليكون صوت فلسطين حاضراً دائماً، يذكّر العالم بحقوق شعبها، وينبه الضمائر إلى أن هناك قضية لا يجوز أن تُنسى مهما تغيّرت الموازين.

إن ما يقوم به معاليه من جهود مخلصة وصادقة تجاه فلسطين ليس مجرد واجب سياسي، بل هو انعكاس لموقف قطر الإنساني والأخلاقي والقومي. فهو لم يكتفِ بتسجيل المواقف أو الاكتفاء بالبيانات، بل مضى يحمل صوت فلسطين في كل قاعة يجتمع فيها العالم، مثبتاً أن نصرة الحق ليست شعاراً، وإنما ممارسة تتجلى في الأفعال والمواقف المتكررة. وبهذا الموقف، أعاد معاليه التأكيد أن فلسطين ليست قضية شعب واحد، بل هي قضية أمة بكاملها، تختبر من خلالها صدقية الشعارات وقيمة المواقف.

إن حضور القضية الفلسطينية في الخطاب القطري ليس مجرد مساندة سياسية، بل هو صورة من صور الوفاء لشعب مظلوم، ودرس في الإنسانية والكرامة. فالدوحة تذكّر العالم، بمواقفها، أن فلسطين ليست رقعة جغرافية محاصرة، بل هي رمز للهوية، وامتحان للقيم، وصوت للمستضعفين في وجه الجبروت. إنها قضية وجود لا تنتهي إلا بالحرية، وقضية كرامة لا تُصان إلا بالاستقلال.

ومن هنا، لم تكن جهود معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية محصورة في الجانب السياسي والدبلوماسي، بل امتدت إلى الدفاع عن الحقوق الفلسطينية في كل محفل دولي، حتى لا تُغيَّب الحقيقة، وحتى لا يظن أحد أن القضية انطفأت أو أن صوتها قد خفت. وفي هذا الإصرار رسالة واضحة: أن فلسطين ستبقى في وجدان القيادة القطرية وشعبها، مهما طال الطريق ومهما اشتدت المحن.

لقد ظلّت المواقف القطرية متسقة عبر العقود، لا تعرف التناقض ولا المساومة. وهي مواقف تنبع من قناعة راسخة بأن نصرة فلسطين ليست ترفاً سياسياً، بل واجب إنساني وأخلاقي، وحق قومي لا يجوز التفريط فيه. ومن خلال الدعم السياسي والدبلوماسي والإغاثي والإنساني، أثبتت قطر أن كلماتها ليست حبراً على ورق، بل واقعاً يُترجم في صور الدعم والمساندة، في ميادين السياسة كما في ميادين الإغاثة، وفي ردهات المنظمات الدولية كما في ساحات المخيمات.

إن هذه الجهود تعكس رسالة قطرية للعالم أجمع: أن الدوحة ستبقى سنداً لفلسطين، حاملة لواء قضيتها، ومتمسكة بحقوق شعبها المشروعة، كاملة غير منقوصة. فالحق الفلسطيني ليس بنداً على جدول المفاوضات، بل هو جزء من هوية الأمة كلها، وهو حاضر في وجدان كل قطري يرى في فلسطين قضيته الأولى.

وفي هذا السياق، لا يمكن إغفال التكامل الذي يربط المواقف القطرية بالجهود المشهودة التي تبذلها جمهورية مصر العربية في نصرة القضية الفلسطينية. فالبلدان الشقيقان يعملان بروح منسجمة، وتنسيق دائم، وإرادة صادقة، من أجل تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني والسعي نحو تحقيق سلام عادل ودائم. وهذا التعاون يثبت أن الأمة قادرة، حين تتوحد جهودها، على أن تجعل من صوتها أكثر تأثيراً ومن حضورها أكثر فاعلية.

إن قطر، بمواقفها، تقول للعالم: إن فلسطين ليست وحدها. وإن ما يبذله معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، ومن ورائه القيادة الرشيدة، هو شهادة على أن هناك من لا يزال يرى في نصرة المظلوم واجباً، وفي الدفاع عن الحق أمانة، وفي القضية الفلسطينية مقياساً للصدق والوفاء. إنها رسالة تتجاوز حدود السياسة لتصل إلى عمق الوجدان الإنساني، مؤكدة أن الحق، مهما طال الزمن، لا يسقط بالتقادم، وأن الكرامة، مهما حاولوا مصادرتها، ستظل حيّة ما دامت هناك قلوب مؤمنة بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى