أدب

“بكاء الحقل الأخير” لـ عبد الكريم البليخ.. ثلاثون قصة عن الأرض والمنفى

*القصص تحتفي بمن يدافعون عن الكرامة والوجود، ويصونون ما يجعل الحياة جديرة بأن تعاش: الأرض، والذاكرة، والصدق.

ستوكهولم ـ المجموعة قصصية (بكاء الحقل الأخير)، باكورة أعمال الكاتب والصحافي السوري عبد الكريم البليخ، تضم بين دفتيها ثلاثين قصة تنبض بين رائحة التراب وملح الغربة؛ بالبساطة والصلابة ينسج من خلالها ملامح أناس جعلوا من الأرض امتداداً لكرامتهم، ومن الذاكرة وطناً حين ضاق الوطن، كاشفاً بشاعرية واقعية عن شجاعة الطيبة في مواجهة قسوة القوانين وتحولات المنافي.

المجموعة القصصية تُصغي إلى أصوات الناس في قراهم وأزقتهم، كما في منافٍ بعيدة. تتجاور في هذه الحكايات مصائر متنوّعة لشخصيات بسيطة وصلبة: فلاح يجعل من الأرض امتداداً لكرامته، عائد من المنفى يبحث عن بيت يستعيد فيه نفسه، امرأة مجهولة تقاوم بصمت، وقلوب تمتحنها الخيانة والندم. من اليوميّ العابر يستخرج الكاتب جوهراً أخلاقياً لامعاً، ويرفع التفاصيل الصغيرة إلى مستوى الرمز، حيث تصبح الأرض هوية لا ملكية، والذاكرة وطناً حين يضيق الوطن.

كتبت قصص هذه المجموعة بلغة رشيقة مشربة بحسٍّ تصويري، تمزج بين رهافة شعرية وبصيرة واقعية، وتؤثث عالماً يواجه فيه الناس رخام الإدارات بحجارة الحقول، ويستبدلون الشعارات بفعل نزيه وعنيد.

الكاتب والصحافي عبد الكريم البليخ

 “بكاء الحقل الأخير”  الصادر عن “دار سامح للنشر” في السويد، كتاب عن معنى الثبات حين تتبدل القوانين، وعن شجاعة الطيبة حين تُستدرج إلى الصمت. إنه احتفاء بمن يدافعون عن الكرامة والوجود، ويصونون ما يجعل الحياة جديرة بأن تعاش: الأرض، والذاكرة، والصدق. مجموعة قصصية تخاطب القلب والضمير معاً، وتترك في النفس أثراً لا يزول.

وعلى هامش صدور باكورة أعماله القصصية، التقت “العرب” الزميل الكاتب والصحافي عبد الكريم البليخ، حيث يقول: “المفارقة أنَّ الغربة لا تمنحك امتياز الكتابة فقط، بل تفرضها عليك. تصبح الكلمة ملاذك، ولغتك الأم تصبح طوق نجاة في بلاد تتحدث بلغة أخرى. وسط الجدران التي لا تفهمك، تصبح لغتك بيتك الأخير”.

 ويضيف “هناك، على الورق، تستطيع أن تقول من أنت، ومن كنت، ومن تحاول أن تكون. وهكذا تحوّلت الغربة إلى محرّضٍ لا يرحم على الكتابة، وإلى ضرورة تشبه الخبز والماء، لا يمكن الفكاك منها دون جوع داخلي أو اختناق”.

ويتابع “مع أنني كنت أتنقّل في بلاد قد لا تجمعني بها روابط سابقة، إلا أن الصحافة فتحت لي الأبواب، وعرّفتني إلى وجوه صنعت ذاكرتي المهنية والإنسانية. كان اتصالي في ذات يوم وأنا شاب صغير برجاء النقاش، ذلك العرّاب النقدي والإنساني، تجربة أثّرت فيّ على نحو لم أستطع تجاوزه حتى اليوم. أحاديثنا الهاتفية، ومتابعته لمقالاتي في مجلة “الدوحة”، كانت تذكيراً بأن الكتابة، مهما اغتربت، لا تموت. وفي قطر، حيث عملتُ لاحقاً في صحيفة “الشرق”، تعلّمت من الصحافة وجهها المهني الصلب، واحتككتُ بكبار الصحفيين الذين شكّلوا لي خبرة جديدة في التعاطي مع الكلمة كمسؤولية، لا مجرد شغف”.

24/9/2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى